10 كلمات تدمر نفسية اللأبناء

كثيرا ما يتلفظ الآباء والأمهات بكلمات لا يحسبون لها حسابا مع أنها تدمر الأهداف التربوية التي يَنشدونها ، فالكلمة هي أساس التربية ، ونحن نوجه أبناءنا بالكلام ونحاسبهم بالكلام ونشجعهم بالكلام ونمدحهم بالكلام ونغضب عليهم بالكلام ، فتربية الأبناء إما بالكلام أو بالأفعال وفي الحالتين هي كلام ، فالكلام حوار لفظي والأفعال حوار غير لفظي ، فالموضوع إذن كله كلام بكلام وهذه هي التربية !
ومن خلال تجاربي في حل المشاكل التربوية اكتشفت أن أكثر ما يسهم في انحراف الأبناء سوء استخدام الألفاظ والكلام ، فمنذ يومين جلست مع شاب هارب من بيته لأستمع إلى مشكلته التربوية مع والديه وكان ملخصها في الكلام السيئ الذي يسمعه منهما . وفتاة اشتكت لي من انحرافها وهي غير راضية عن نفسها ولكنها أرادت أن تنتقم من سوء كلام والديها معها ، وقد جمعت بهذا المقال الأمراض التربوية في اللسان بعشر كلمات تدمر نفسية الأبناء وتشجعهم علي الانحراف، وهي كالتالي :
أولا : الشتم بوصف الطفل بأوصاف الحيوانات مثل (حمار ، كلب ، ثور ، تيس ، يا حيوان ، …) ، أو بأن تشتم اليوم الذي ولد فيه .
ثانيا : الإهانة من خلال الانتقاص منه بأوصاف سلبية مثل أنت ( شقي ، كذاب ، قبيح ، سمين ، أعرج ، حرامي ) والإهانة مثل الجمرة تحرق القلب .
ثالثا : المقارنة وهذه تدمر شخصية الطفل لأن كل طفل لديه قدرات ومواهب مختلفة عن الآخر ، والمقارنة تشعره بالنقص وتقتل عنده الثقة بالنفس وتجعله يكره من يقارن به .
رابعا : الحب المشروط كأن تشترط حبك له بفعل معين مثل ( أنا ما أحبك لأنك فعلت كذا ، أحبك لو أكلت كذا أو لو نجحت وذاكرت ) فالحب المشروط يشعر الطفل بأنه غير محبوب ومرغوب فيه ، وإذا كبر يشعر بعدم الانتماء للأسرة لأنه كان مكروها فيها عندما كان صغيرا ، ولهذا الأطفال يحبون الجد والجدة كثيرا لأن حبهم غير مشروط .
خامسا : معلومة خاطئة مثل ( الرجل لا يبكي ، اسكت بعدك صغير ، هذا الولد جنني ، أنا ما أقدر عليه ، الله يعاقبك ويحرقك بالنار )
سادسا : الإحباط مثل ( أنت ما تفهم ، اسكت يا شيطان ، ما منك فايدة )
سابعا : التهديد الخاطئ ( أكسر راسك ، أشرب دمك ، أذبحك )
ثامنا : المنع غير المقنع كان نكرر قول لا، ونرفض طلباته دائما من غير بيان للسبب.
تاسعا : الدعاء عليه مثل ( الله يأخذك ، عساك تموت ، ملعون )
عاشرا : الفضيحة وذلك بكشف أسراره وخصوصياته.
فهذه عشرة كاملة وقد اطلعت علي دراسة تفيد أن الطفل إلى سن المراهقة يكون قد استمع من والديه ستة عشر ألف كلمة سيئة من الشتائم إلا أن الدراسة لم ترصد لنا إلا نوعا واحدا من الأمراض اللسانية التي ذكرناها ، فتخيلوا معي طفلا لم يبلغ من العمر ثماني سنوات وفي قاموسه أكثر من خمسة آلاف كلمة مدمرة.. إن أثرها عليه سيكون أكبرمن أسلحة الدمار الشامل.
وقد لخص لنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم هذا المقال كله بأربع كلمات في قوله (ليس المؤمن بالطعّان ولا اللّعّان ولا الفاحش ولا البذيء ) فالأصل أن نتجنب هذه الرباعية السلبية وأن نستبدلها برباعية إيجابية أخرى مع أبنائنا فنركز على الحب والتشجيع والمدح والاحترام .
فالكلمة الطيبة أهم من العطية قال تعالى (قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى) ونحن نعطي أولادنا كل شيء من طعام وألعاب وترفيه وتعليم ولكننا نحرقهم وندمرهم بالكلام وهذا خلاف المنهج القرآني، وقد اكتشف العلماء المعاصرون أن (الكلمة الطيبة والصدقة) لهما نفس الأثر على الدماغ .
فلنحرص على انتقاء الكلام في بيوتنا فللكلمة أثر عظيم ، فالقرآن الكريم أصله كلمة ، والإنسان يدخل في الإسلام ويخرج منه بكلمة ، والأعزب ينتقل للحياة الزوجية ويخرج منها بكلمة ، فلا نتهاون بالكلمة ولنحرص عليها وعلى الكلمة المؤثرة التي تسهم في بناء أطفالنا وتنميتهم ، فبالكلام نصنع السلام والوئام ويكون أبنائنا تمام التمام

 @drjasem

د جاسم المطوع

الخبير الإجتماعي والتربوي