عيالي أعاقبهم ولا يتأثرون .. ما الحل ؟

(تعبت من كثرة العقاب) (كل ما أعاقب أبنائي ما في فايدة) (صاروا أولادي عديمي الإحساس) (ما أعرف كيف أتصرف لما يخطئ ابني) (جربت مع ولدي كل أنواع العقاب وما نفع شي)، هذه عبارات أسمعها كثيرا من الأمهات والآباء وهم يشتكون من عدم تأثير العقاب علي الأبناء عندما يخطئون، علما بأنه كل طفل عندما يرتكب السلوك الخاطئ يكون لديه دافع وسبب، وعندما يرتكب الخطأ فإما يكون لا يعلم بأن ما فعله خطأ وفي هذه الحالة من الخطأ عقابه وإنما الصواب تعليمه وتوجيهه، وإما يعرف الخطأ ولكنه يرتكبه متعمدا لأسباب كثيرة، منها عدم قناعته بالخطأ أو أحيانا تحركه الغيرة لارتكاب الخطأ أو لفت نظر أمه أو أبوه بسبب وجود أخوان أصغر منه صار لهم الإهتمام أكثر،
ولكن في كل الأحوال فإن العقاب جيد ومفيد وقد يوقف السلوك الخاطئي ولكن في الغالب يكون له آثار جانبية غير مرغوب فيها خاصة إذا لم نحسن تطبيق العقاب في الوقت الصحيح والطريقة المناسبة، ولهذا لا ينبغي أن نلجأ للعقاب إلا في أضيق الحالات وكما قيل (آخر الدواء الكي)، فنجعل العقاب آخر الدواء وأن لا يكون فيه ظلما عند تطبيقه وإنما يكون العقاب بحجم الخطأ وهو ما نسميه بالعقاب العادل، لأن في كثير من الآباء والأمهات يعاقبون أبنائهم عقابا ظالما، أو يعاقبونهم من أجل التنفيس عن أنفسهم وليس من أجل تصحيح الخطأ، فيكون المربي عليه ضغوط كثيرة في الحياة ومنها ضغط العمل فيصب غضبه علي ابنه أثناء الخطأ ثم يندم ويشعر بأن الغضب والعقوبة التى أوقعها علي الطفل لا يستحقها
وهناك أساليب كثيرة بديلة للعقاب، وتشجع الطفل لتطبيق السلوك الإيجابي، منها أن نعزز السلوك الجيد والإيجابي عندما يقوم الطفل بسلوك جيد، مثل أن يفسح المكان للكبير عندما يدخل، او يبادر في الوضوء والصلاة من غير تذكير، أو ينظف الوسخ علي الأرض فنعزز السلوك الإيجابي بعدة طرق، منها التعزيز الإجتماعي مثل الإبتسامة والإهتمام والطبطبة علي الكتف، أو التعزيز المادي فنعطيه هدية، أو التعزيز بالنشاط فنسمح له بمشاهدة برنامج مفضل عنده وهكذا، ومهم أن يعرف الوالدين أن كل طفل له لغة خاصة في تعزيز السلوك الإيجابي عنده، فلا يشترط أن يكون الحافز للإخوان بالبيت الواحد نفس الشيء فقد يكون تحفيز كل واحد منهم بطريقة مختلفة
والأسلوب الثاني هو التفكير في البديل، وبضرب المثال يتضح المقال فأذكر أحد الآباء دخل علي يشتكي من ابنه بأنه يعض اخوانه بالبيت فاقترحت عليه أن يضع سلة تفاح في كل غرفة بالبيت، ويقول لإبنه بأن هذه التفاحة نلعب فيها لعبة العض، ويتفق معه أنه كلما أراد أن يعض أخوانه يأخذ تفاحة ويعضها فتكون التفاحة بديلا عن عضة الإنسان، فهذا أسلوب ذكي وجميل نحول من خلاله اتجاه الطفل من السلوك العدواني أو السيئ إلي السلوك الإيجابي من خلال المتعة واللعب، وطفل آخر كان كل يوم يسكب الماء علي السجاد في الصالة، فاقترحت علي أمه بأن تشتري له مواعين للزرع في البيت، وتعلم الطفل بأن يسقي الزرع كل يوم، وقالت له بأنه لا مانع لديها من سكب الماء ولكن للزرع وليس علي السجاد، وكانت النتيجة في المثالين السابقين إيجابية،
وهذين الإسلوبين تنفع للصغار أكثر منه الكبار، أما الكبار أو الأبناء الذين في سن المراهقة فيحتاجون لأساليب مختلفة، أهمها الحوار معهم وإقناعهم بأن سلوكهم خاطئ، وقد ينفع معهم المكافأة من أجل تغيير سلوكهم الخاطئ، ولكن ينبغي أن لا نكثر من المكافآت حتى لا يكون الإبن ماديا، ولعل أقوى تأثير يكون عليه عندما تستغل المواقف في تربيته وخاصة إذا استثمرنا الأصدقاء في التأثير عليه، فالأبناء في هذا السن يتأثرون بالاصدقاء أكثر من تأثير الوالدين ولهذا انتقاء الصداقة مهمة جدا فالصاحب ساحب،

@drjasem

د جاسم المطوع

الخبير الإجتماعي والتربوي