(22) فكرة سهلة في التربية الإيمانية للأبناء
سألت بعض الأصدقاء والأقارب ما العمل الديني الذي كان يعمله والدك أو والدتك وأثر فيك وساهم في زيادة إيمانك وتدينك ؟ فتنوعت الإجابات وكانت إجابة الأول أنه قال : كانت أمي تذكرنا بأذكار الصباح والمساء دائما ونرددها معها، وكانت تدعو لنا أثناء خروجنا من المنزل للمدرسة وتقول (عسى الله يحفظكم وينجحكم) وكان والدي دائما يردد الدعاء ( اللهم أجعل أبنائي صالحين بارين بوالديهم)، وكان يأثر بي سماع صوت الباب وخطوات قدم أبي عندما يدخل البيت عائدا من صلاة الفجر، وكانت أمي دائما تقرأ المعوذات وتحصننا وتمسح علينا
وقال الثاني نحن نعرف يوم الجمعة من الأعمال التي كانت أمي تفعلها، فكنا نشتم رائحة البخور الطيبة، ويكون التلفاز مفتوح علي خطبة الجمعة بالحرم المكي بصوت عال، وكان الوالد يجمعنا لقراءة سورة الكهف ثم نزور العائلة والأرحام، فكان يوم الجمعة له طابع خاص في حياتي وهذا ما حرصت علي فعله مع أبنائي اليوم كذلك
وقال الثالث أكثر ما أثر بي من تصرفات والدي أنه كان في رمضان يخرج الزكاة، وكان يجمعنا ونحن أطفال ويطلب منا أن نحسب الأموال ونساعده في وضعها بالظرف ثم يطلب منا أن نكتب علي كل ظرف اسم الشخص المستحق للزكاة، فتأثرت بهذا الموقف كثيرا وكنت كذلك أسمع صوت الماء وقت وضوء والدي وذكره ودعاءه لله بعد الوضوء، وكان أبي وأحيانا أمي تجمعنا لصلاة الجماعة بالبيت ونحن صغارا وكنا نلعب بحضنهم ونشاهدهم وهم يجلسون بعد الصلاة للذكر، فكانوا يحسبون الذكر بأصابعهم ونحن تعلمنا ذلك منهم فكانوا يقولون 33 مرة سبحان الله و33 الحمد لله و33 الله أكبر ويختمون بلا إله الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو علي كل شيئ قدير
وقالت أحدى الأمهات أن أمها كانت تشجعها علي قضاء صيام رمضان للأيام التي فطرت فيها بسبب العذر الشرعي، وكانت تصوم معها تشجيعا لها على سرعة القضاء، وقالت بأن جدتها كانت تسكن معها بالبيت وتأثرت كثيرا بها لأنها كانت دائما تقرأ القرآن وتختم في كل شهر مرة، وقالت أحيانا كنت أخذ سيارة والدي فأول ما أفتحها أستمع لإذاعة القرآن الكريم،
وقالت أحدى الفتيات أن أكثر شيء كان يأثر بها البخور والعطور يوم الجمعة، صورة معلقة لبيت المقدس كلما رأتها والدتها تقول (عسى الله يرزقنا صلاة فيه)،وتقول أنه عندما يتوضأ والدي أو والدتي لا يغلقون باب الحمام فكنت أشاهد طريقة وضوئهم، ويرددون علينا دعاء الركوب للسيارة ودعاء دخول المنزل بصوت عال حتى نحفظه ونحن صغارا، وعند الأكل يذكروننا بأن نأكل باليمين ، وكان والدي دائما معه التمر والقهوة وكنا نفرح عندما نتناول التمر معه، وكانت جدتي لا ترضى أن نرمي الطعام إذا انتهينا منه وتأمرنا أن نجمعه ونحن صغار ثم نتصدق به أو نعطيه للدجاج والحيوانات، وكانت تقول (في كل كبدة رطبة أجر) وما كنت أفهم هذه الكلمات ولكن عندما كبرت عرفت أنه حديث نبوي يعني يأجر الإنسان عندما يطعم الحيوان
فهذه أفكار بسيطة وسهلة ولكنها عميقة ومأثرة من خلال التربية الغير مباشرة للأبناء ، وهي مواقف تتحدث عن نفسها وتأثر بالأبناء من غير توجيه أو ارشاد مباشر وهو ما نسميه (بالتربية بالقدوة) وهو من أكثر الأساليب التربوية تأثيرا، فينشأ الطفل في جو إيماني ديني محافظ من خلال سلوكيات والديه وأقربائه وجده أو جدته
@drjasem
د جاسم المطوع
الخبير الإجتماعي والتربوي