بنتي بعمر 11 سنة تخبئ عني بعض الأمور

المشكلة:

سلام عليكم، ابنتي عمرها 11 سنة انا ربيتها على الصدق وكنت وما زلت نموذج وقدوة لها في الصدق والوفاء بالعهد والوعد.. لكن لاحظت عليها بعض التغيرات، وهي أنها تخبئ احيانا بعض الأمور البسيطة وأحيانا اسألها لو صلت وهي تقول نعم صليت ولكن بعد ذلك ألاحظ انها راحت تصلي. هي مجتهدة وشطوره وتعمل بجهد في المدرسة لكن احيانا تسلم واجبها غير كامل وتقول انها كملته. ايضا تدخل غرفتها فترات طويلة تبقى وحدها تلعب وتكلم نفسها وأحيانا أشعر أنها حزينة. لمن اسالها تقول انه صاحباتها ما يحبوها وانهم ما يحبوا يتعاملوا معها في الصف وانه معظم الوقت يتجنبوها. سبحان الله ابنتي الوحيدة ويشهد الله كم اجتهد وأحاول واصبر عليها وهي ما شاء الله الى حد ما ممتازة لكن مشكلة انها بدأت تخبي عني وايضا انها شوي مرفوضة وغير محبوبة مزعجة لي وتؤرقني. انا دايما بتكلم معها وأحاول أقوى علاقتي فيها وبالله وبوالدها وأحاول أخليها تركز على دراستها ومستقبلها ولكنها أحيانا تكون حزينة وغير مرتاحة. احاول تصحيح سلوكها واحكيلها لازم تكوني صادقة مهما كانت النتائج. طبعا احيانا بعصب عليها وبصيح وأحيانا اصبر واكون هادية.

الحل:

السلام عليكم،

السيدة ......حفظك الله.

إن فريق "معين" للدعم الاستشاري للخطة التربوية يرحب بك.

بالنسبة لسؤالك حول التربية الايجابية لابنتك وهي بعمر 11 سنة  :

إن المرحلة العمرية التي تمر بها ابنتك وهي مرحلة بداية البلوغ مرحلة حساسة، تمر فيها بتغيرات بدنية ونفسية تؤثر عليها وعلى شخصيتها فتجعلها تعيد النظر في توجيهات الأسرة وتميل إلى التمرد عليها لإثبات ذاتها واستقلال شخصيتها، لكنها تلجأ إلى الكذب لإخفاء هذه الحقيقة لأحد سببين،

 إما أنها تحبك وتجلك كثيراً ولا تريد أن تفقد حبك لها إذا اكتشفت مخالفاتها، وإما أنها تكذب وترفض الاعتراف بالخطأ خوفا من عقابك لها.

 -ومن أجل مساعدتها على تجاوز مشكلتها من المهم توافر ثلاثة عوامل: 

الأول: أن تزرعي فيها القناعة الداخلية بتوجيهاتك التربوية.

العامل الثاني: تنمية مراقبة الله تعالى في نفسها من أجل أن يكون مقصدها رضى الله أولا.

العامل الثالث: توفير الأمان لها حتى لا تكذب بدافع الخوف من العقاب.

-وهذه بعض الأفكار والاقتراحات التي تفيد في تحقيق هذه الأهداف:

1- القصة من أهم وسائل زرع مراقبة الله في نفسها، وهناك كثير من قصص محبة الله ومراقبته مثل قصة ابن عمر مع راعي الغنم الذي كان صائما، قال نافع: خرجت مع ابن عمر في بعض نواحي المدينة ومعه أصحاب له فوضعوا سفرة فمر بهم راع، فقال له عبد الله: هلم يا راعي فأصب من هذه السفرة. فقال: إني صائم فقال له عبد الله: في مثل هذا اليوم الشديد حره وأنت في هذه الشعاب في آثار هذه الغنم وبين الجبال ترعى هذه الغنم وأنت صائم فقال الراعي: أبادر أيامي الخالية فعجب ابن عمر وقال: هل لك أن تبيعنا شاة من غنمك نجتزرها ونطعمك من لحمها ما تقطر عليه وتعطيك ثمنها قال: إنها ليست لي إنها لمولاي قال: فما عسيت أن يقول لك مولاك إن قلت أكلها الذئب ...؟! فمضى الراعي وهو رافع إصبعه إلى السماء وهو يقول فأين الله ؟؟؟ قال: فلم يزل ابن عمر يقول: قال الراعي فأين الله؟ فما عدا أن قدم المدينة فبعث إلى سيده فاشترى منه الراعي والغنم فأعتق الراعي ووهب له الغنم رحمه الله. ففي هذه القصة بيان أن مراقبة الله تعالى لها أجر عظيم عند الله ومكافأة في الدنيا أيضا؛ لأن الناس يحبون الأمين الصادق مع الله ومع نفسه ومع الناس. وكذلك قصة البنت التي رفضت أن تخلط اللبن بالماء لأنه غش حرمه الله المطلع على السرائر قصة مشهورة يمكن أن تقصي تفاصيلها على ابنتك.

2-محاورتها في توجيهاتك التربوية وتبيين فوائدها من أجل زرع القناعة الداخلية لدى ابنتك بها، فلا تكتف بإلقاء الأوامر فقط، فالحرص على تفسيرها يدفعها إلى الالتزام.

3-كلما شعرت ابنتك بمشاعر الحب والحنان كانت أكثر طاعة وأبعد عن الكذب والمراوغة، والشعور بالأمان من أهم وسائل تشجيعها على الإقلاع عن هذه العادة.

4-إذا كان بعض من تتعامل معهم في محيطها يكذب فسوف تلجأ لتقليده، لذلك فإن الاهتمام بأخلاق من تتواصل معهم مهم لحل مشكلتها، فمعرفة صديقاتها مثلا ربما يساهم في حل المشكلة بعزلها عنهن، ومحاولة إحاطتها بصديقات صالحات يؤثرن عليها إيجابا.

5-إذا كانت ردة فعلك حازمة معه، ولم يتجاوب مع كذبها إيجابا أحد من محيطها فسوف تقلع عن فعلها لعدم وجود ردة فعل مشجعة.

6-من المفيد التعزيز الإيجابي لابنتك بالمكافأة عند الصدق والحزم في حرمانها من بعض الأشياء التي تحبها حال تكرار الكذب. 

7-يمكن أن تطلبي منها أن تخلو بنفسها لتستغفر الله تعالى عددا معينا عندما ترتكب هذا الخطأ، أو تلزميها بالتصدق بجزء من مصروفها اليومي كلما تكرر منها هذا الخطأ.

8-من المهم ألا تحصل على ما تريد بالكذب، كي تتعلم أن الكذب ليس طريقا لتحقيق رغباتها. مع الحرص على أن تعلم أنك اكتشفت كذبها كي تدرك أن حبل الكذب قصير.

9-لا بد أن تزرعي قيمة الاعتراف بالخطأ في نفسها، ومن أفضل الأساليب لتحقيق هذا الهدف القدوة، فعندما ترى طفلتك محيطها يمارسون هذا السلوك يصبح جزءا من شخصيتها، ويمكن الاستعانة بالقصص المكتوبة أو مقاطع الفيديو التي تساهم في زرع هذه القيمة. خاصة قصص التوبة، ومن أشهرها قصة توبة ثلاثة من الصحابة تخلفوا عن الجهاد مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، وبسبب صدقهم في التوبة غفر الله لهم، والقصة مؤثرة يمكن استخراجها من النت بسهولة.

10-ولا يفوتنا أن نوضح لك أن المرحلة العمرية التي تمر بها ابنتك تحتاج منك إلى تعامل خاص حتى تكسبي قلبها وتقتربي منها لتنالي ثقتها لتكوني موضع سرها، وهذه ثلاثة أمور أساسية ننصح باتباعها في التعامل مع طفلتك في هذه السن:

1-تحتاج ابنتك منك أن تعامليها معاملة الكبار من حيث احترام آرائها، والحوار معها في جو من الود وإظهار المحبة والحنان عليها، والأخذ برأيها في بعض الأمور، والثناء عليها في الجوانب الإيجابية، والابتعاد عن إصدار الأوامر المباشرة والاستبداد بالرأي، فهذا يشعرها بشخصيتها ويسهل عليك فهم مشاعرها وأفكارها وتقبل نصائحك وتوجيهاتك. وهي تتجنب الاعتراف بالحقيقة حتى لا تتعرض إلى اللوم والعتاب والاتهام فتلجأ إلى الكذب، ولكن إذا كان الحوار في جو من الود والتعاطف والتفهم لمشاعرها ستكون أجواء الحوار جاذبة لها وليست طاردة.

2-تتأثر ابنتك في هذه السن كثيرا بصديقاتها؛ لذلك من المهم أن تحرصي على أن تنتقي صديقاتها وتبتعد عن صديقات السوء، وننصح أن توجهيها إلى مصادقة الخيرات بشكل غير مباشر حتى لا تشعر أنك تفرضين عليها صداقة أحد فتنفر منها، ولن تعدمي وسيلة لتوثيق صداقته بالمهذبات من بنات الأقارب أو الجيران أو الزميلات عن طريق إفساح المجال لها لمشاركتهم الزيارات والنشاطات المشتركة.

3-الحذر من مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع النت والألعاب الإلكترونية، وإذا كان لا بد منها فينبغي أن يكون استعمالها لها في أضيق نطاق وتحت متابعتك، ويمكنك أن ترشديها إلى المواقع الموثوقة التي تمدها بالمعرفة والمتعة بعيدا عن مخاطر عالم النت المفتوح.

في الموقع الإلكتروني لمعين والموقع الرسمي للدكتور جاسم المطوع عدد من المقالات والمقاطع المصورة التي تتحدث عن كيفية التعامل مع الأبناء في سن المراهقة، يمكنك البحث في الموقعين بإدخال كلمة المراهقة والاطلاع على جميع المواد المنشورة هناك. وسوف تجدين كثيرا من الوسائل والأساليب التي تصلح لتوجيه ابنتك يمكنك ان تختاري الأنسب للظروف التي تعيشونها.

- بخصوص توتر علاقتها بصديقاتها فلا بد من معرفة سبب ذلك التوتر، هل المشكلة في بعض تصرفات ابنتك التي لا تعجب صديقاتها أم أن المشكلة في تصرفات صديقاتها التي تستفز ابنتك؟! لا بد من الوقوف على تفاصيل الخلاف حتى تستطيعي حله وتقديم النصح لابنتك في كيفية التصرف لاستعادة الود مع صديقاتها. وإذا استطعت ان تكسبي ثقة ابنتك فسوف توقفك على تفاصيل علاقتها بصديقاتها وأسباب الخلاف بينهن.

د. جاسم المطوع والفريق الاستشاري معه ب/ خدمة معين / يتمنى لك التوفيق

معين.. ونعين